كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} فرده إلى الغَسْل في قراءة بعضهِم لأنه قال: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} وقال بعضهم {وَأَرْجُلَكُمْ} على المسح أي: وامْسحوا بأَرْجُلِكُم. وهذا لا يعرفه الناس. وقال ابن عباس: المَسْحَ على الرِّجْلَيْن يُجْزِئُ. ويجوز الجر على الاتباع وهو في المعنى الغَسْل نحو هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ. والنَصب أسلم وأجود من هذا الاضطرار. ومثله قول العرب: أَكَلْتُ خبزا ولبنا واللبن لا يؤكل. ويقولون: ماسَمِعْتُ برائحةٍ اطيبَ من هذهِ ولا رأيتُ رائحةً أطيبَ من هذِه وما رأيتُ كلامًا أصوبَ من هذا. قال الشاعر: [من مجزوء الكامل وهو الشاهد الرابع والثمانون بعد المائة]:
يا لَيْتَ زَوجَكِ قَدْ غَدا ** مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا

ومثله {لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [2] {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [2].
وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} أي: ما يُريدُ اللهُ لِيجْعَلَ عَلَيْكُمْ حَرَجا.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}
وقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} كأنه فسر الوعد ليبين ما وعدهم أي: هكذا وعدهم فقال: {لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}.
{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}
وقال: {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي} {لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} فاللام الأَولى على معنى القسم والثانية على قسم آخر.
{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}
وقال: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} كما تقول: مِنْ عبدِ اللهِ أخَذْتُ دِرْهَمَه.
{قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ}
وقال: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} فأعمل {إِنَّ} في القوم وجعل جَبْارِينَ من صفتهم لأَنَّ {فِيها} ليس باسم.
{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}
وقال: {فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} فهي من أَسَي يَأْسىَ أَسَىَ شَدِيدًا وهو الحزن. ويَئِسَ من اليَأسِ وهو انقطاع الرجاء من يَئِسوا وقوله: {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ}: من انقطاع الرجاء وهو من: يئست وهو مثل إِيٍس في تصريفه. وإنْ شِئْتَ مثل خَشِيْتُ في تصريفه. وأما أسَوْتَ تَأْسُوا أَسْوًا فهو الدواء للجِراحة. وأُسْتُ أَؤُوسُ أَوْسًا في معنى: أَعْطَيْتُ. وأُسْتُ قياسها قُلْتُ وأَسَوْتُ قياسها غَزَوْتُ.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}
وقال: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} فالهمزة لنَبَأ لأنها من أَنْبَاتُهُ. وأَلِف ابْنَيْ تذهب لأنها ألف وصل في التصغير. واذا وقفت قلت نبأ مقصور ولا تقول نبا لأنها مضاف فلا تثبت فيها الألف*.
{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
وقال: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ} مثل فَطَوَّعَتْ ومعناه: رَخَّصَتْ وتقول طَوَّقْتُهُ إمْريِ أي: عَصَبْتُه به.
{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}
وقال: {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ} فنصب {فَأُوَارِيَ} لأَنَّكَ عَطَفْتَه بالفاء على {أَنْ} وليس بمهموز لأَنّه من وَارَيْتُ وإنما كانت {عَجَزْتُ} لأنها من عَجَزَ يَعْجِزُ وقال بعضهم عَجَزَ يَعْجُزُ، وعَجِزَ يَعْجَزُ.
{مِنْ أَجْلِ ذلك كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالّبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ بَعْدَ ذلك فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}
وقال: {مِنْ أَجْلِ ذلك كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}. وان شئت أذهبت الهمزة من {أَجْلِ} وحركت النون في لغة من خفف الهمزة. والأَجْلُ: الجناية من أَجَلَ يَأْجِلُ، تقول: قَدْ أَجَلْتَ عَلَيْنا شَرًْا ويقول بعض العرب {مِنْ جَرّا} من: الجَريرة ويجعله على فَعْلَى.
وقال: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ} يقول: أَوْ بِغَيْرِ فَسادٍ في الأَرْض.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
وقال: {لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ} يقول: لَوْ أَنَّ هذا مَعَهُم لِلفداء ما تُقُبِّلَ مِنْهُم.
{يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَائِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
وقال: {لاَ يَحْزُنكَ} خفيفة مفتوحة الياء وأهْل المدينة يقولون {يُحْزِنْكَ} يجعلونها من أحْزَنَ والعرب تقول: أَحْزَنْتُه وحَزَنْتُهُ.
وقال: {الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ} أي: مِنْ هؤُلاءِ ومِنْ هؤلاء ثم قال مستأنفًا {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} أي: هم سماعون. وان شئت جعلته على {وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ} {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} ثم تقطعه من الكلام الأول. ثم قال: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [42] على ذلك الرفع للأول وأما قوله: {لَمْ يَأْتُوكَ} فها هنا انقطع الكلام والمعنى {وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ} يَسْمَعُونَ كَلامَ النَبِيّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم [104] لَيَكْذِبُوا عَلَيْهِ {سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرينَ لَمْ يأتُوكَ بَعْد} يقول: يَسْمَعُونَ لَهُم فَيُخْبِرونَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَأْتُوكَ.
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
وقال: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} اذا عطف على ما بعد أَنَّ نصب والرفع على الابتداء كما تقول: إنَّ زَيْدًا منْطَلِقٌ وعَمْرٌ ذاهبٌ وإِنْ شئتَ قلت: وَعَمْرًا ذاهبٌ نصب ورفع.
{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ}
وقال: {وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} لأنَّ بَعْضَهم يقول: هِيَ الإِنْجيل وبعضهم يقول: هُوَ الإِنجيل. وقد يكون على أنَّ الإِنجيلَ كتاب فهو مذكر في المعنى فذكروه على ذلك. كما قال: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى} ثم قال: {فَارْزُقُوهُمْ مِّنْهُ} فذكّر والقِسْمَةُ مُؤَّنَّثة لأَنَّها في المعنى الميراث والمال فذكر على ذلك.
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولكن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}
وقال: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} يقول: وَشاهِدًا عَلَيْهِ نصب على الحال.
وقال: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} فالشِّرْعَةُ: الدينِ، من شَرَعَ يَشْرَعُ، والمِنْهاجُ: الطَريقُ من نَهَجَ يَنْهَجُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
وقال: {لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} ثم قال: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} على الابتداء.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهُؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ}
وقال: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ} نصب لأنه معطوف على قوله: {فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} [52] وقد قرئ رفعا على الابتداء. قال أبُو عمرو النصب محال لأنه لا يجوز وَعَسى اللهُ أَنْ يقولَ الذين آمنوا وإِنَّما ذا عسى أنْ يقول، يجعل {أَنْ يَقُولَ} معطوفة على ما بعد عَسَى أوْ يكون تابعا، نحو قولهم: أَكَلْتُ خُبْزًا وَلَبَنًا و:
....................... ** مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا

{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذلك مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَائِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ}
وقال: {بِشَرٍّ مِّن ذلك مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ} كما قال: {بِخَيْرٍ مِنْ ذلِك}.
وقال: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} أي: {مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ} {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}.
{لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}
وقال: {وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} وقال: {عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ} نصبهما بإِسقاط الفعل عليهما.
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}
وقال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}. فذكروا أنَّها العَطِيَّة والنِّعْمَة. وكذلك {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} كما تقول: إنَّ لِفُلانٍ عِنْدِي يَدًا أي: نِعْمَةً. وقال: {أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} أي: أُولى النِّعَم. وقد تكون اليَد في وجوه، تقول بَيْنَ يَدَي الدارِ تَعْني: قُدامَها، وليستْ للدارِ يدان.
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}
وقال: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} وقال بعضهم {رِسالاتِهِ} وكلٌّ صوابٌ لأَنَّ الرِّسالَةَ قد تجمع الرَّسائِلَ كما تقول هَلَكَ البَعِيرُ والشَّاةُ وأَهْلَكَ الناسَ الدينارُ والدِرْهَمُ تريد الجماعة.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}
وقال: {وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} وقال في موضع آخر {والصّابِئِينَ} والنصب القياس على العطف على ما بعد {إِنّ} فاما هذه فرفعها على وجهين كأن قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ} في موضع رفع في المعنى لأنه كلام مبتدأ لأَنَّ قَوْلَهُ: إنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ وزَيْدٌ مُنْطَلِقٌ من غير أن يكون فيه إنّ في المعنى سواء [105]، فان شئت اذا عطفت عليه شيئا جعلته على المعنى. كما قلت: إنَّ زيدًا مُنْطَلِقٌ وعمرٌو. ولكنه اذا جعل بعد الخبر فهو احسن واكثر. وقال بضعهم: لما كان قبله فعل شبه في اللفظ بما يجري على ما قبله، وليس معناه في الفعل الذي قبله وهو {الَّذِينَ هَادُواْ} اجراه عليه فرفعه به وان كان ليس عليه في المعنى ذلك انه تجيء اشياء في اللفظ لا تكون في المعاني، منها قولهم: هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ وقولهم كَذَبَ عَلَيْكُمْ الحَجُّ يرفعون الحَجَّ بكَذَبَ، وانما معناه عَلَيْكُم الحَجَّ نصب بأمرهم. وتقول: هذا حَبُّ رُمّانِي فتضيف الرُّمَانَ إلَيكَ وإِنَّما لَكَ الحَبُّ وليس لك الرُّمَانُ. فقد يجوز أشباه هذا والمعنى على خلافه.